عاجل

من الضبعية إلى النوف

الظفرة

 

لا شك أن للذاكرة المكانية حضور في وجدان الإنسان الإماراتي وقد سن المغفور له باذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأبنائه الكرام سنة حسنة في تسمية بعض المناطق وفي تغيير العديد منها بأسماء تحمل دلالات ورمزية جمالية قل نظيرها.

وفي بيان صحفي جاء فيه: بتوجيهات محمد بن زايد ومتابعة حمدان بن زايد وهزاع بن زايد، بلدية مدينة أبوظبي التابعة لدائرة البلديات والنقل تستبدل اسم منطقة الضبعية باسم منطقة النوف، حرصاً على ترسيخ المعاني التراثية في أسماء المناطق والمدن ولإبراز الأهمية التاريخية للمنطقة.

واليوم وقد تم اعتماد تغيير تسمية جزيرة الضبعية إلى جزيرة النوف هذا الاسم الذي لاقى حفاوة بالغة بين نخبة من أبناء الوطن ممن له ارتباط مكاني أو زمني بتلك الجزيرة ومن المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي وممن رأى في الاسم جاذبية وجمالاً وشموخاً إلى جانب الدلالات التراثية والتاريخية.. حتى أن بعض الشعراء انبرى للكتابة عنها شعراً شعبياً وقصائدي فصيحة. اليوم ننقل سلسلة تغريدات للمدون الإماراتي سالم بالعمى الذي أبدع في سرد ذاكرة المكان والزمان المرتبطة بجزيرة النوف "الضبعية قديما" ومذكراً بتاريخها وبإنسانها ومن قطن فيها بذكريات وقصص مفعمة بالحنين. يبدأ سالم بالعمى تغريداته التي يراها توثيقاً لتاريخ الجزيرة وقد أصاب في ذلك وها هو يدون مجموعة من المحطات التي تربطه بجزيرة النوف يقول بالعمى:

تغريده للتاريخ ‏وللتدوين قبل أن ينسى اسم جزيرة ⁧‫#الضبعية‬⁩ القديم والتى تم تغيير اسمها ‏إلى ⁧‫#النوف‬⁩ من قبل الشيوخ حفظهم الله، فأول من بنى منزلاً خشبياً (صندقه) في الضبعية هي (خصيبه بنت أحمد بولوته الرميثي) رحمها الله والدة أحمد بن عبدالله الكنيبي وهي خالة الأخ مصبح المزروعي ⁦‪@mknmaz‬⁩ في الحدبة أو فريج الخزان حالياً في عام‏ ١٩٦٩ تقريباً.

‏سكن ابنها أحمد بوعبدالله وبنتها ميثا أم أحمد المريخي في بيوت مختلفة و كل بأهله وأنسابه ومن ضمنهم والدتي في بداية السبعينات. وكان البناء من ألواح خشبية لايثة على البحر، وأذكر حدبة الضبعية طفلاً قبل دخولي ‏المدرسة تقريباً سنة ١٩٧٥ وانتظار رجوع الطراد بالأسماك والقباقيب الحية.

كان الدخول للضبعية صعباً بسب الصباخ الطينية الموحلة للسيارات من الشارع الرئيسي، ‏والطريق بعد المطر أو سقية البحر الكبيرة مستحيلاً.. فكان خيار القدوم بالبحر أسهل ‏(أرفق لكم الصور لكم كيف الطريق ولله الحمد والشكر لحكومتنا الرشيدة بعد تعبيد الطريق)

كنا نصيد الظباء والأرانب في الضبعية بالأسلحة والمصائد إلى أن تم منع الصيد في منتصف الثمانينات ‏وكان قراراً حكيماً للمحافظة على بيئتنا، (طرمبة الماء وجريكن البترول للطراد معنا فالسيارة) 

كانت المرحومة شمسه بنت سلطان المرر أم عبدلله بن خالد المريخي من نوادر النساء تاريخياً في إلامارات وواحدة من سيّدات جزيرة الضبعية لما تتمتع به من شخصيه فذة في الصيد البحري بأنواعة (خيط، غزل، حظرة، قراقير، مناشل)  ‏وهي أول من بنى بالطابوق وبشكارها "كويا" هو من يورد الخدم في الضبعية لصعوبة العيش فيها.

و بعدها جاء الأقارب وكبر الفريج فانتقلنا أواخر السبعينات إلى رأس الضبعية وبقي الفريج به وبنى سيف بن مييزر رحمة الله عليه أول مسجد فيها وأطال الله عمر محمد بن سالم بن كداس الرميثي الذي لازال باقيأ في الفريج القديم

في أواخر السبعينات انتقلنا إلى جهة رأس جزيرة الضبعية قبل النادي وكنا 4 بيوت وبعدها ببضع سنوات  ‏سكن أحمد بن جبارة المرر رحمة الله عليه وفاضل المحيربي أطال الله في عمره، وآمنه بنت درويش والدة محمد وأمل القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي السابقة

كان البحر مفتوحا بدون إعاقة فسكن البعض مثل والدة عتيج وغانم وسيف السويدي رحمها الله وعلي المزروعي والحرموصي.. بعيداً عن البحر خوفا من السقية الكبيرة التي تأتي كل 3  الى 5 سنين وتغرق البيوت.

على مدخل الضبعية أواخر الثمانينات استحدث نادي تراث الإمارات لانطلاق سباق القوارب الشراعية  ‏أما ظهر الضبعية لا يوجد ساكن سواي وصندقتين للصيادين أو للحضرات في الجهة الغربية كان يوجد بها قصر للشيخ خليفة بن محمد ويوجد به حيوانات مفترسة كالأسد والنمر وطيور نادرة نذهب لرؤيتها خلسة

‏و في جهة الكهف بحر قديم ومتوارث للرواشد من آل بومهير أهل البطين معروف بألذ نيسر في بوظبي وأصبح فيما بعد ميناء لشركة أدكو

‏بعد الضبعية منطقة متصلة تسمى أم الجنى و القنطور سكنها معالي محمد صالح بن بدوه والشيخ حمدان بن زايد قبل انتقاله لجزيرة بوكشيشة التي استبدلها باسم جميل "الاريام".

بعد انتقال الشيخ حمدان إلى ⁧‫#الأريام‬⁩ وسكن بها وعمق الخور بين الجزيرتين وأمر بالطريق الرملي "الكتش" والبيوت ورفع مستوى الأرض عن البحر لسكان الضبعية جزاه الله ألف خير  ‏وأهدى بيته في القنطور لـ بن مفتاح المنصوري.

من الذكريات التي لا تنسى البحر (الخور) بين الضبعية وابو كشيشة كان في أوقات الثبر تلحم الطرادات وتنتظر السقية.. الماشوه والتفريس بالجناه للصيد أمام بيوتنا

كانت هناك محطة تحلية نأخذ منها الماء بأمر من الشيخ الكريم حمدان بن زايد أطال الله في عمره 

‏وكانت في وسط الضبعية قرب الشيب تسكن عائلة انجليزية لا نعرف لماذا ورحلوا في أواخر الثمانينات وأعتقد كانت لمراقبة السفن في الخليج العربي  ‏و كان بيتهم مطلي بطبقة من الفوم بلون رصاصي

في بداية سنة 2002 قامت شركة أدكو البترولية بإخراج سكان الجزء الغربي من الجزيرة لتطوير الحقول وكنا مجموعة وتم تعويضنا بأراضي مع أصحاب البحر الرواشد ‏وتم نقلنا إلى الجزء الشمالي على ظهر الجزيرة ( ‏تصوير من أمام بيتي القديم على الخيل مع بنتي ‏وتظهر بنايات أبوظبي من أمام بيتي الثاني)

‏بعدها تم استحداث أراضي لـ مسعود المحيربي وأحمد الرميثي وخليفه خلفان المحيربي عن طريق الشيخ حمدان بن زايد وأمر بالماء والكهرباء للبيوت جميعها جزاه الله خير وتم تعبيد الطريق بالقار.. ثم توالت العطايا منه واستحدثت منطقة على ظهر الجزيرة تضم 30 بيتاً تقريباً ‏وتم بناء مسجد جميل جداً بطراز مغربي سمي على اسم الشيخ مبارك بن محمد رحمه الله

‏ختاماً أقول وداعاً ⁧للإسم القديم ‫#الضبعية‬⁩ وأهلاً باسمها الجديد ⁧‫#النوف‬⁩ والذي يعبر عن المنطقة بشموخها وببصيرة شيوخنا الذين اختاروا هذا الإسم المعبر فعلاً عن هذه الجزيرة الجميلة